التبادل الاعلاني
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
admin | ||||
وجدى | ||||
روفا 96 | ||||
خالد جمال | ||||
علياء | ||||
معلمه | ||||
رضا العجمى | ||||
أشرف مصطفى | ||||
ابو وردة التونسى | ||||
محمد عبدالله |
هيئة التدريس
شعار المدرسة
نتائج الامتحانات
اضغط على الرابط وادخل رقم الجلوس
مع تمنياتى بالتوفيق
الأمام أبــــــو حنيــــفة
صفحة 1 من اصل 1
الأمام أبــــــو حنيــــفة
الأمام أبــــــو حنيــــفة * أفضل اهل زمانه
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
ســيدنا محمد وعلى آلـــه وصحــبه وســلم
أمــــــا بـــعد :-
فضيلة الأمــام أبــو حنيــفــة
هو الأول في سلسلة ذهبية مكونة من الأئمة الأربعة، وصاحب أول مدرسة فقهية من مدارسهم، وضع ماله وعلمه ووقته وذكاءه وكل ما منحه الله من قدرات ووهبه من إمكانات، وسخرها جميعًا لنصرة دين الله ورفع كلمة التوحيد، وإعلاء راية الشريعة.
مولده ونشأته:
==========
هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى الفارسي، ولد في كابل عام 80 هـ، وأدرك أنس بن مالك رضي الله عنه بالكوفة، وهو فارسي الأصل، وكان والده ميسورًا، ويعمل تاجرًا للخز "القماش"، وكذلك كان أبو حنيفة [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (6/394)].
ووصفه النضر بن محمد فقال: (كان أبو حنيفة جميل الوجه، سري الثوب، عطر الريح) [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (6/399)].
وقال عنه تلميذه أبو يوسف: (وكان أبو حنيفة حسن الوجه حسن المجلس، شديد الكرم حسن المواساة لإخوانه، وكان رِبعة من الرجال، أحسن الناس منطقًا وأحلامهم نغمة) [وفيات الأعيان، ابن خلكان، (5/408-409)].
وقد كان الإمام أبو حنيفة هو الإمام الوحيد من الأئمة الأربعة الذي ليس من أصول عربية، وهذا له من الدلالات الكثير، أعظمها قدرة الإسلام على هدف الفوارق بين الأجناس والأعراق، ليس على سبيل النظرية ولكن أيضًا على سبيل التطبيق.
نقطة التحول في حياته:
==============
ويروى عنه أنه قال: (مررت يومًا على الشعبي، وهو جالس فدعاني فقال لي: إلى من تختلف؟ فقلت: أختلف إلى السوق، فقال: لم أعنِ الاختلاف إلى السوق، عنيت الاختلاف إلى العلماء، فقلت: أنا قليل الاختلاف إلى العلماء، فقال لي: لا تفعل، وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء، فإني أرى فيك يقظة وحركة، قال: فوقع في قلبي من قوله، فتركت الاختلاف إلى السوق، وأخذت من العلم، فنفعني الله بقوله) [محاضرات في تاريخ المذاهب الفقهية، د.محمد أبو زهرة، ص(145)].
فكانت لكلماته وقع السحر، حتى أنه يصف حاله بعدها، فيقول: (راجعت نفسي وتدبرت، فقلت: إن المتقدمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، لم يكن ليفوتهم شيء مما ندركه نحن، وكانوا عليه أقدر وبه أعرف، وأعلم بحقائق الأمور، ثم لم ينتصبوا فيه منازعين ولا مجادلين، ولم يخوضوا فيه، بل أمسكوا عن ذلك ونهو عنه أشد النهي.
ورأيت خوضهم في الشرائع وأبواب الفقه، وكلامهم فيه، إليه تجالسوا وعليه تحاضوا، كانوا يعلمونه الناس، ويدعونهم إلى تعلمه، ويرغبونهم فيه، ويفتون ويستفتون، وعلى ذلك مضى الصدر من السابقين، وتبعهم الناس عليه، فما ظهر لي من أمورهم هذا الذي وصفت، وتركت المنازعة والمجادلة والخوض في الكلام، واكتفيت بمعرفته ورجعت إلى ما كان عليه السلف) [محاضرات في تاريخ المذاهب الفقهية، د.محمد أبو زهرة، ص(145)].
عبادته:
وكان رحمه الله مجتهدًا في العبادة، ويروي مسعر بن كدام عن ذلك؛ فيقول: (أتيت أبا حنيفة في مسجده، فرأيته يُصلي الغداة، ثم يجلس للناس في العلم، إلى أن يُصلي الظهر، ثم يجلس إلى العصر، فإذا صلى العصر جلس إلى المغرب، فإذا صلى المغرب جلس إلى أن يصلي العشاء)، فقلت في نفسي: (هذا الرجل في هذا الشغل، متى يتفرغ للعبادة؟ لأتعاهدنه الليلة)، قال: (فتعاهدته، فلما هدأ الناس، خرج من المسجد، فانتصب للصلاة إلى أن طلع الفجر، ودخل منزله، ولبس ثيابه، وخرج إلى المسجد، صلى الغداة، فجلس الناس إلى الظهر، ثم إلى العصر، ثم إلى المغرب، ثم إلى العشاء).
فقلت في نفسي: (إن الرجل قد تنشط الليلة الماضية للعبادة، لأتعاهدنه الليلة، فتعاهدته، فلما هدأ الناس خرج فانتصب للصلاة، ففعل كفعله في الليلة الأولى، فلما أصبح خرج إلى الصلاة، وفعل كفعله في يوميه، حتى إذا صلى العشاء)، قلت في نفسي: (إن الرجل لينشط الليلة والليلة، لأتعاهدنه، ففعل كفعله في ليلته، فلما أصبح جلس كذلك)، فقلت في نفسي: (لألزمنه إلى أن أموت أو يموت، فلازمته في مسجده)، قال ابن أبي معاذ: (فبلغني أن مسعرًا مات في مسجد أبي حنيفة في سجوده، رحمه الله تعالى) [تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، ( 13/356 )].
زهده وأمانته:
=========
ولعل التجارة والتعامل مع أنماط مختلفة من مجتمعه كانت من الأمور التي جعلت الإمام أبا حنيفة يوصف بالأمانة الشديدة، والخلق الكريم، فقد اتصف أبو حنيفة التاجر بأربعة صفات لها صلة بمعاملة الناس في التجارة، تجعله مثلًا كاملًا للتاجر المسلم المستقيم، كما هو الذروة بين العلماء؛ وهذه الصفات هي:
1. كان ثري النفس، لم يستولِ عليه الطمع الذي يفقر النفوس.
2. وكان عظيم الأمانة شديدًا على نفسه في كل ما يتصل بها.
3. وكان سمحًا فقد وقاه الله شح نفسه.
4. وكان بالغ التدين، عظيم العبادة يصوم النهار ويقوم الليل.
وقد كانت لأمانته صور عدة، وآثار كثيرة، منها أن امرأة جاءته بثوب من الحرير تبيعه له، فقال: كم ثمنه؟ فقالت: مائة، فقال لها: هو خير من مائة، بكم تقولين؟ فزادت مائة .. مائة حتى قالت: أربعمائة، قال: هو خير من ذلك، فقالت: تهزأ بي؟ فقال: هاتي رجلًا يقوِّمه، فجاءت برجل فاشتراه بخمسائة.
فما أعظم أمانته! يحتاط لغيره أكثر مما يحتاط لنفسه، وفاءً لحق دينه عليه وأمانته، فكان رحمه الله تاجرًا عرف ربه وعرف حق مجتمعه عليه، وعرف أن وراءه يومًا لابد أنه صائر إليه ومحاسب فيه على كل ما اكتسبت يداه.
إنما كانت أمانته كذلك لأن المال كان في يديه ولم يتمكن من قلبه، فهو يعلم أن ذلك المال فضل من عند الله، ولذا كان يجعل أرباح تجارته لسد حاجات العلماء والمحدثين والفقراء وقضاء حوائجهم ودفع خلتهم، فيجمع الأرباح من سنة إلى سنة فيشتري بها حوائجهم وأقواتهم وكسوتهم ويدفع باقي الأرباح إليهم فيقول: (أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إلا الله؛ فإني ما أعطيتكم من مالي شيئًا ولكن من فضل الله عليَّ فيكم، وهذه أرباح بضائعكم؛ فإنه هو والله مما يجريه الله لكم على يدي فما في رزق الله حول لغيره) [تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، ( 13/360 )].
تواضعه وحلمه:
==========
ومع عظيم علمه، وكثير ماله، وما سبق به من الفضل والخلق والمكانة، كان رحمه الله جم التواضع والأدب مع الله ومع العلم ومع الناس، فيروي الحسن بن زياد اللؤلؤي فيقول: (سمعت أبا حنيفة يقول: قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا) [تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، (6/107)].
ويروى أن رجلًا سبَّه وأغلظ له، وهو في درسه فلم يلتفت إليه أبو حنيفة رحمه الله، ولم يقطع حديثه، ونهى أصحابه عن مخاطبته، فلما فرغ وقام تبعه الرجل إلى باب داره فقام على بابه وقال للرجل: (هذه داري، إن كان بقى معك شيء فأتمه حتى لا يبقي في نفسك شيء، فاستحى الرجل وانصرف مخذولًا).
توازنه وشموله:
===========
ومن الملاحظات الجديرة بالعناية والتسجيل في حياة الإمام أبي حنيفة، شمول حياته لمختلف الواجبات والمهام، فقد كان يقسم وقته بشكل متوازن بين حاجة العلم، حاجة الأهل وحاجة الأصدقاء والخلان، وقد جاء عنه أنه كان يجعل السبت لحوائجه، ولا يحضر في المجلس، ولا يحضر في السوق، وإنما يتفرغ لأسبابه في أمر منزله وضياعه، وكان يقعد في السوق من الضحى إلى الأولى ـ يعني الظهيرة ـ وكان يوم الجمعة له دعوة، يجمع أصحابه في بيته، ويطبخ لهم ألوان الطعام.
أصول مذهبه وفكره:
=============
وكان يأخذ أولًا بكتاب الله، ثم بالسنة، ثم بأقضية الصحابة، ويعمل بما اتفقوا عليه، فان اختلفوا كان يقيس حكمًا على حكم بجامع العلة بين المسألتين حتى يتضح المعنى، وكان يقول: (ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصحابة اخترنا، وما كان من غير ذلك فهم رجال ونحن رجال) [تاريخ الإسلام، الذهبي، (3/99)].
وقد كان أيضًا كما يقول عنه الدكتور محمد أبو زهرة: (عميق التفكير بعيد النظر عميق الغور لا يقف عند ظواهر الأمر، وإنما يقلبه على وجوهه، ويعجم أعواده، فيبحث عن علل ما اشتمل عليه من أحكام مستعينًا بإشارات الألفاظ ودلالات العبارات، وملابسات الأحوال، كما كان حاضر البديهة، سريع الخاطر، واسع الحيلة، يفحم خصمه من أيسر السبل وأقربها) [محاضرات في تاريخ المذاهب الفقهية، د.محمد أبو زهرة، ص(158)].
ومن ذلك مثلًا أنه كان بالكوفة رجل يقول عن عثمان بن عفان رضي لله عنه أنه كان يهوديًّا، ولم يستطيع العلماء إقناعه في تغيير رأيه.
فأتاه أبو حنيفة فقال : أتيتك خاطبًا.
قال: لمن؟
قال: لابنتك، رجل شريف، غني بالمال، حافظ لكتاب الله، سخي، يقوم الليل في ركوع، كثير البكاء من خوف الله.
فقال الرجل، في دون هذا مقنع يا أبا حنيفة.
قال: إلا أن فيه خصلة.
قال: وما هي؟ قال : يهودي.
قال الرجل : سبحان الله تأمرني أزوج ابنتي من يهودي؟
قال: ألا تفعل؟
قال: لا.
قال أبو حنيفة: فالنبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته من يهودي.
فقال الرجل: أستغفر الله، إني تائب إلى الله عز وجل.
أشهر تلامذته:
=========
وبالبرغم من أنه لم يؤلف كتبًا في الفقه، إلا أن تلاميذه كانوا يدونون آراءه وربما كان ذلك أحيانًا بإملائه، بل قد جاءت بعض الأخبار بأنه كان يراجع ما دونوا أحيانًا ليقره أو يغيره.
فقد وضع أبو حنيفة رحمه الله مذهبه شورى بينهم لم يستبد فيه بنفسه دونهم، اجتهادًا منه في الدين ومبالغة في النصيحة لله ورسوله والمؤمنين، فكان يلقي مسألة مسألة، يقلبها ويسمع ما عندهم ويقول ما عنده ويناظرهم حتى يستقر أحد الأقوال فيها.
ثم يثبته أبو يوسف في الأصل حتى أثبت الأصول كلها، وكان تلاميذ أبي حنيفة الذين أخذوا عنه ونقلوا فقهه عددًا كبيرًا،كثيرون منهم أولئك الذين كانوا يرتحلون إليه فيأخذون عنه ثم يعودون إلى بلادهم بعد أن أخذوا طريقته ومنهاجه، وبعضهم قد استقر إلى جواره ولازمه.
ولاشك أن السبب في عدم ذكر محمد بن الحسن ـ وهو من أشهر أصحاب أبي حنيفة فيما بعد ـ إذ لم يذكر في هذه الفئة الممتازة أن سنه إذ ذاك لم تكن تؤهله لهذه المرتبة، فقد توفي أبو حنيفة وعمر محمد بن الحسن ثمانية عشر عامًا وإن كان الباحثون يقررون أن فقه أبي حنيفة مدين لمحمد بن الحسن بكتبه التي حفظته على مر الأزمان والدهور.
ولقد كان من أشهر تلاميذ أبي حنيفة أيضًا هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، وكان يعرف هو ومحمد بن الحسن بصاحبي أبي حنيفة.
ثناء العلماء عليه:
===========
وعن أبي يحيى الحماني أنه كان يقول: (ما رأيت رجلًا قط خيرًا من أبي حنيفة)، وكان أبو بكر الواعظ، يقول: (أبو حنيفة أفضل أهل زمانه)، وعن سهل بن مزاحم، أنه كان يقول: (بذلت الدنيا لأبي حنيفة فلم يردها، وضرب عليها بالسياط فلم يقبلها)، وقيل للقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود: (ترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة؟) قال: (ما جلس الناس إلى أحد أنفع من مجالسة أبي حنيفة).
ومن أعظم ما كان من ثناء العلماء، ثناء الإمام مالك على الإمام أبي حنيفة، فقد حدث الشافعي محمد بن إدريس، قال: قيل لمالك بن أنس: (هل رأيت أبا حنيفة؟) قال: (نعم، رأيت رجلًا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبًا، لقام بحجته).
وعن إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: سمعت ابن المبارك يقول: (كان أبو حنيفة آية)، فقال له قائل: (في الشر يا أبا عبد الرحمن، أو في الخير؟ فقال: اسكت يا هذا؛ فإنه يقال: غايةٌ في الشر، آية في الخير)، ثم تلا هذه الآية: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيةً}.
وعن المبارك أيضاً، قال: (ما كان أوقر مجلس أبي حنيفة، كان حسن السمت، حسن الوجه، حسن الثوب، ولقد كنا يومًا في مسجد الجامع، فوقعت حية، فسقطت في حِجر أبي حنيفة، وهرب الناس غيره، ما رأيته زاد على أن نفض الحية، وجلس مكانه)، وعنه أيضًا، أنه قال: (لولا أن الله أعانني بأبي حنيفة وسُفيان، لكنت كسائر الناس) [الطبقات السنية في تراجم الحنفية، التقي الغزي، (1/27)].
وقد أنشد فيه ابن المبارك أبيات عظيمة نقلها عنه الصفدي في كتابه "الوافي بالوفيات" يقول فيها كلامًا رائعًا:
رأيتُ أبا حنيفةَ كلَّ يومٍ ... يَزيدُ نَبالةً ويزيد خُبرا
ويَنطِقُ بالصَواب ويَصطَفيه ... إذا ما قال أهل الهُجر هُجرا
رأيتُ أبا حنيفة حين يُؤتَى ... ويُطلَبُ عِلمُه بَحرا غَزيرا
يقايس من يقايسه بلُبٍّ ... فمن ذا تجعلونَ له نظيرا
كفانا فَقد حمادٍ وكانت ... مُصيبتُنا به أمراً كبيرا
فردّ شماتة الأعداء عنّا ... وأبدَى بعده علماً كثيرا
إذا ما المشكلات تدافَعَتها ... رجال العلم كان بها بصيرا
محنته ثم وفاته:
===========
ذكر ابن الأهدل أن أبا جعفر المنصور نقله إلى بغداد؛ ليوليه القضاء فأبى، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فأمر بحبسه، وقيل أنه كان يرسل إليه في الحبس: (أنك إن أحببت وقبلت ما طلبت منك لأخرجنك من الحبس ولأكرمنك)، فأبى، فأمر بأن يخرج كل يوم فيضرب عشرة أسواط، فكان يخرج به كل يوم، فيضرب فأكثر الدعاء، فلم يلبث إلا يسيرًا، حتى مات في الحبس مبطونًا سنه 150 هجرية، فأخرجت جنازته، وكثر بكاء الناس عليه، وصلى عليه خمسون ألفًا في مقابر الخيزران في بغداد.
فلله دره من إمام عظيم، ويكفي في الختام أن نذكر وصف أحد تلامذته وهو أبو يوسف حين سأله هارون الرشيد رحمه الله عن خلال أبي حنيفة فقال: (شديد الذب عن محارم الله أن تؤتى، وشديد الورع أن ينطق في دين الله بما لا يعلم، يحب أن يطاع الله ولا يُعصى، طويل الصمت دائم الفكر، على علم واسع، لم يكن مهدارًا ولا ثرثارًا، إن سُئل عن مسألة كان عنده فيها علم نطق به وأجاب فيها بما سمع، وإن كان غير ذلك قاس على الحق واتبعه، صائنًا لنفسه ودينه، بذولًا للعلم والمال، مستغنيًا بنفسه عن جميع الناس، لا يميل إلى طمع، بعيد الغيبة لا يذكر أحد إلا بخير) [مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة، المكي، ص(206)].
__________________
لقد تم تصغير الصورة اضغط هنا لمشاهدة الصورة بالحجم الطبيعي.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
ســيدنا محمد وعلى آلـــه وصحــبه وســلم
أمــــــا بـــعد :-
فضيلة الأمــام أبــو حنيــفــة
هو الأول في سلسلة ذهبية مكونة من الأئمة الأربعة، وصاحب أول مدرسة فقهية من مدارسهم، وضع ماله وعلمه ووقته وذكاءه وكل ما منحه الله من قدرات ووهبه من إمكانات، وسخرها جميعًا لنصرة دين الله ورفع كلمة التوحيد، وإعلاء راية الشريعة.
مولده ونشأته:
==========
هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى الفارسي، ولد في كابل عام 80 هـ، وأدرك أنس بن مالك رضي الله عنه بالكوفة، وهو فارسي الأصل، وكان والده ميسورًا، ويعمل تاجرًا للخز "القماش"، وكذلك كان أبو حنيفة [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (6/394)].
ووصفه النضر بن محمد فقال: (كان أبو حنيفة جميل الوجه، سري الثوب، عطر الريح) [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (6/399)].
وقال عنه تلميذه أبو يوسف: (وكان أبو حنيفة حسن الوجه حسن المجلس، شديد الكرم حسن المواساة لإخوانه، وكان رِبعة من الرجال، أحسن الناس منطقًا وأحلامهم نغمة) [وفيات الأعيان، ابن خلكان، (5/408-409)].
وقد كان الإمام أبو حنيفة هو الإمام الوحيد من الأئمة الأربعة الذي ليس من أصول عربية، وهذا له من الدلالات الكثير، أعظمها قدرة الإسلام على هدف الفوارق بين الأجناس والأعراق، ليس على سبيل النظرية ولكن أيضًا على سبيل التطبيق.
نقطة التحول في حياته:
==============
ويروى عنه أنه قال: (مررت يومًا على الشعبي، وهو جالس فدعاني فقال لي: إلى من تختلف؟ فقلت: أختلف إلى السوق، فقال: لم أعنِ الاختلاف إلى السوق، عنيت الاختلاف إلى العلماء، فقلت: أنا قليل الاختلاف إلى العلماء، فقال لي: لا تفعل، وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء، فإني أرى فيك يقظة وحركة، قال: فوقع في قلبي من قوله، فتركت الاختلاف إلى السوق، وأخذت من العلم، فنفعني الله بقوله) [محاضرات في تاريخ المذاهب الفقهية، د.محمد أبو زهرة، ص(145)].
فكانت لكلماته وقع السحر، حتى أنه يصف حاله بعدها، فيقول: (راجعت نفسي وتدبرت، فقلت: إن المتقدمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، لم يكن ليفوتهم شيء مما ندركه نحن، وكانوا عليه أقدر وبه أعرف، وأعلم بحقائق الأمور، ثم لم ينتصبوا فيه منازعين ولا مجادلين، ولم يخوضوا فيه، بل أمسكوا عن ذلك ونهو عنه أشد النهي.
ورأيت خوضهم في الشرائع وأبواب الفقه، وكلامهم فيه، إليه تجالسوا وعليه تحاضوا، كانوا يعلمونه الناس، ويدعونهم إلى تعلمه، ويرغبونهم فيه، ويفتون ويستفتون، وعلى ذلك مضى الصدر من السابقين، وتبعهم الناس عليه، فما ظهر لي من أمورهم هذا الذي وصفت، وتركت المنازعة والمجادلة والخوض في الكلام، واكتفيت بمعرفته ورجعت إلى ما كان عليه السلف) [محاضرات في تاريخ المذاهب الفقهية، د.محمد أبو زهرة، ص(145)].
عبادته:
وكان رحمه الله مجتهدًا في العبادة، ويروي مسعر بن كدام عن ذلك؛ فيقول: (أتيت أبا حنيفة في مسجده، فرأيته يُصلي الغداة، ثم يجلس للناس في العلم، إلى أن يُصلي الظهر، ثم يجلس إلى العصر، فإذا صلى العصر جلس إلى المغرب، فإذا صلى المغرب جلس إلى أن يصلي العشاء)، فقلت في نفسي: (هذا الرجل في هذا الشغل، متى يتفرغ للعبادة؟ لأتعاهدنه الليلة)، قال: (فتعاهدته، فلما هدأ الناس، خرج من المسجد، فانتصب للصلاة إلى أن طلع الفجر، ودخل منزله، ولبس ثيابه، وخرج إلى المسجد، صلى الغداة، فجلس الناس إلى الظهر، ثم إلى العصر، ثم إلى المغرب، ثم إلى العشاء).
فقلت في نفسي: (إن الرجل قد تنشط الليلة الماضية للعبادة، لأتعاهدنه الليلة، فتعاهدته، فلما هدأ الناس خرج فانتصب للصلاة، ففعل كفعله في الليلة الأولى، فلما أصبح خرج إلى الصلاة، وفعل كفعله في يوميه، حتى إذا صلى العشاء)، قلت في نفسي: (إن الرجل لينشط الليلة والليلة، لأتعاهدنه، ففعل كفعله في ليلته، فلما أصبح جلس كذلك)، فقلت في نفسي: (لألزمنه إلى أن أموت أو يموت، فلازمته في مسجده)، قال ابن أبي معاذ: (فبلغني أن مسعرًا مات في مسجد أبي حنيفة في سجوده، رحمه الله تعالى) [تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، ( 13/356 )].
زهده وأمانته:
=========
ولعل التجارة والتعامل مع أنماط مختلفة من مجتمعه كانت من الأمور التي جعلت الإمام أبا حنيفة يوصف بالأمانة الشديدة، والخلق الكريم، فقد اتصف أبو حنيفة التاجر بأربعة صفات لها صلة بمعاملة الناس في التجارة، تجعله مثلًا كاملًا للتاجر المسلم المستقيم، كما هو الذروة بين العلماء؛ وهذه الصفات هي:
1. كان ثري النفس، لم يستولِ عليه الطمع الذي يفقر النفوس.
2. وكان عظيم الأمانة شديدًا على نفسه في كل ما يتصل بها.
3. وكان سمحًا فقد وقاه الله شح نفسه.
4. وكان بالغ التدين، عظيم العبادة يصوم النهار ويقوم الليل.
وقد كانت لأمانته صور عدة، وآثار كثيرة، منها أن امرأة جاءته بثوب من الحرير تبيعه له، فقال: كم ثمنه؟ فقالت: مائة، فقال لها: هو خير من مائة، بكم تقولين؟ فزادت مائة .. مائة حتى قالت: أربعمائة، قال: هو خير من ذلك، فقالت: تهزأ بي؟ فقال: هاتي رجلًا يقوِّمه، فجاءت برجل فاشتراه بخمسائة.
فما أعظم أمانته! يحتاط لغيره أكثر مما يحتاط لنفسه، وفاءً لحق دينه عليه وأمانته، فكان رحمه الله تاجرًا عرف ربه وعرف حق مجتمعه عليه، وعرف أن وراءه يومًا لابد أنه صائر إليه ومحاسب فيه على كل ما اكتسبت يداه.
إنما كانت أمانته كذلك لأن المال كان في يديه ولم يتمكن من قلبه، فهو يعلم أن ذلك المال فضل من عند الله، ولذا كان يجعل أرباح تجارته لسد حاجات العلماء والمحدثين والفقراء وقضاء حوائجهم ودفع خلتهم، فيجمع الأرباح من سنة إلى سنة فيشتري بها حوائجهم وأقواتهم وكسوتهم ويدفع باقي الأرباح إليهم فيقول: (أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إلا الله؛ فإني ما أعطيتكم من مالي شيئًا ولكن من فضل الله عليَّ فيكم، وهذه أرباح بضائعكم؛ فإنه هو والله مما يجريه الله لكم على يدي فما في رزق الله حول لغيره) [تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، ( 13/360 )].
تواضعه وحلمه:
==========
ومع عظيم علمه، وكثير ماله، وما سبق به من الفضل والخلق والمكانة، كان رحمه الله جم التواضع والأدب مع الله ومع العلم ومع الناس، فيروي الحسن بن زياد اللؤلؤي فيقول: (سمعت أبا حنيفة يقول: قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا) [تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، (6/107)].
ويروى أن رجلًا سبَّه وأغلظ له، وهو في درسه فلم يلتفت إليه أبو حنيفة رحمه الله، ولم يقطع حديثه، ونهى أصحابه عن مخاطبته، فلما فرغ وقام تبعه الرجل إلى باب داره فقام على بابه وقال للرجل: (هذه داري، إن كان بقى معك شيء فأتمه حتى لا يبقي في نفسك شيء، فاستحى الرجل وانصرف مخذولًا).
توازنه وشموله:
===========
ومن الملاحظات الجديرة بالعناية والتسجيل في حياة الإمام أبي حنيفة، شمول حياته لمختلف الواجبات والمهام، فقد كان يقسم وقته بشكل متوازن بين حاجة العلم، حاجة الأهل وحاجة الأصدقاء والخلان، وقد جاء عنه أنه كان يجعل السبت لحوائجه، ولا يحضر في المجلس، ولا يحضر في السوق، وإنما يتفرغ لأسبابه في أمر منزله وضياعه، وكان يقعد في السوق من الضحى إلى الأولى ـ يعني الظهيرة ـ وكان يوم الجمعة له دعوة، يجمع أصحابه في بيته، ويطبخ لهم ألوان الطعام.
أصول مذهبه وفكره:
=============
وكان يأخذ أولًا بكتاب الله، ثم بالسنة، ثم بأقضية الصحابة، ويعمل بما اتفقوا عليه، فان اختلفوا كان يقيس حكمًا على حكم بجامع العلة بين المسألتين حتى يتضح المعنى، وكان يقول: (ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصحابة اخترنا، وما كان من غير ذلك فهم رجال ونحن رجال) [تاريخ الإسلام، الذهبي، (3/99)].
وقد كان أيضًا كما يقول عنه الدكتور محمد أبو زهرة: (عميق التفكير بعيد النظر عميق الغور لا يقف عند ظواهر الأمر، وإنما يقلبه على وجوهه، ويعجم أعواده، فيبحث عن علل ما اشتمل عليه من أحكام مستعينًا بإشارات الألفاظ ودلالات العبارات، وملابسات الأحوال، كما كان حاضر البديهة، سريع الخاطر، واسع الحيلة، يفحم خصمه من أيسر السبل وأقربها) [محاضرات في تاريخ المذاهب الفقهية، د.محمد أبو زهرة، ص(158)].
ومن ذلك مثلًا أنه كان بالكوفة رجل يقول عن عثمان بن عفان رضي لله عنه أنه كان يهوديًّا، ولم يستطيع العلماء إقناعه في تغيير رأيه.
فأتاه أبو حنيفة فقال : أتيتك خاطبًا.
قال: لمن؟
قال: لابنتك، رجل شريف، غني بالمال، حافظ لكتاب الله، سخي، يقوم الليل في ركوع، كثير البكاء من خوف الله.
فقال الرجل، في دون هذا مقنع يا أبا حنيفة.
قال: إلا أن فيه خصلة.
قال: وما هي؟ قال : يهودي.
قال الرجل : سبحان الله تأمرني أزوج ابنتي من يهودي؟
قال: ألا تفعل؟
قال: لا.
قال أبو حنيفة: فالنبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته من يهودي.
فقال الرجل: أستغفر الله، إني تائب إلى الله عز وجل.
أشهر تلامذته:
=========
وبالبرغم من أنه لم يؤلف كتبًا في الفقه، إلا أن تلاميذه كانوا يدونون آراءه وربما كان ذلك أحيانًا بإملائه، بل قد جاءت بعض الأخبار بأنه كان يراجع ما دونوا أحيانًا ليقره أو يغيره.
فقد وضع أبو حنيفة رحمه الله مذهبه شورى بينهم لم يستبد فيه بنفسه دونهم، اجتهادًا منه في الدين ومبالغة في النصيحة لله ورسوله والمؤمنين، فكان يلقي مسألة مسألة، يقلبها ويسمع ما عندهم ويقول ما عنده ويناظرهم حتى يستقر أحد الأقوال فيها.
ثم يثبته أبو يوسف في الأصل حتى أثبت الأصول كلها، وكان تلاميذ أبي حنيفة الذين أخذوا عنه ونقلوا فقهه عددًا كبيرًا،كثيرون منهم أولئك الذين كانوا يرتحلون إليه فيأخذون عنه ثم يعودون إلى بلادهم بعد أن أخذوا طريقته ومنهاجه، وبعضهم قد استقر إلى جواره ولازمه.
ولاشك أن السبب في عدم ذكر محمد بن الحسن ـ وهو من أشهر أصحاب أبي حنيفة فيما بعد ـ إذ لم يذكر في هذه الفئة الممتازة أن سنه إذ ذاك لم تكن تؤهله لهذه المرتبة، فقد توفي أبو حنيفة وعمر محمد بن الحسن ثمانية عشر عامًا وإن كان الباحثون يقررون أن فقه أبي حنيفة مدين لمحمد بن الحسن بكتبه التي حفظته على مر الأزمان والدهور.
ولقد كان من أشهر تلاميذ أبي حنيفة أيضًا هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، وكان يعرف هو ومحمد بن الحسن بصاحبي أبي حنيفة.
ثناء العلماء عليه:
===========
وعن أبي يحيى الحماني أنه كان يقول: (ما رأيت رجلًا قط خيرًا من أبي حنيفة)، وكان أبو بكر الواعظ، يقول: (أبو حنيفة أفضل أهل زمانه)، وعن سهل بن مزاحم، أنه كان يقول: (بذلت الدنيا لأبي حنيفة فلم يردها، وضرب عليها بالسياط فلم يقبلها)، وقيل للقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود: (ترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة؟) قال: (ما جلس الناس إلى أحد أنفع من مجالسة أبي حنيفة).
ومن أعظم ما كان من ثناء العلماء، ثناء الإمام مالك على الإمام أبي حنيفة، فقد حدث الشافعي محمد بن إدريس، قال: قيل لمالك بن أنس: (هل رأيت أبا حنيفة؟) قال: (نعم، رأيت رجلًا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبًا، لقام بحجته).
وعن إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: سمعت ابن المبارك يقول: (كان أبو حنيفة آية)، فقال له قائل: (في الشر يا أبا عبد الرحمن، أو في الخير؟ فقال: اسكت يا هذا؛ فإنه يقال: غايةٌ في الشر، آية في الخير)، ثم تلا هذه الآية: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيةً}.
وعن المبارك أيضاً، قال: (ما كان أوقر مجلس أبي حنيفة، كان حسن السمت، حسن الوجه، حسن الثوب، ولقد كنا يومًا في مسجد الجامع، فوقعت حية، فسقطت في حِجر أبي حنيفة، وهرب الناس غيره، ما رأيته زاد على أن نفض الحية، وجلس مكانه)، وعنه أيضًا، أنه قال: (لولا أن الله أعانني بأبي حنيفة وسُفيان، لكنت كسائر الناس) [الطبقات السنية في تراجم الحنفية، التقي الغزي، (1/27)].
وقد أنشد فيه ابن المبارك أبيات عظيمة نقلها عنه الصفدي في كتابه "الوافي بالوفيات" يقول فيها كلامًا رائعًا:
رأيتُ أبا حنيفةَ كلَّ يومٍ ... يَزيدُ نَبالةً ويزيد خُبرا
ويَنطِقُ بالصَواب ويَصطَفيه ... إذا ما قال أهل الهُجر هُجرا
رأيتُ أبا حنيفة حين يُؤتَى ... ويُطلَبُ عِلمُه بَحرا غَزيرا
يقايس من يقايسه بلُبٍّ ... فمن ذا تجعلونَ له نظيرا
كفانا فَقد حمادٍ وكانت ... مُصيبتُنا به أمراً كبيرا
فردّ شماتة الأعداء عنّا ... وأبدَى بعده علماً كثيرا
إذا ما المشكلات تدافَعَتها ... رجال العلم كان بها بصيرا
محنته ثم وفاته:
===========
ذكر ابن الأهدل أن أبا جعفر المنصور نقله إلى بغداد؛ ليوليه القضاء فأبى، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فأمر بحبسه، وقيل أنه كان يرسل إليه في الحبس: (أنك إن أحببت وقبلت ما طلبت منك لأخرجنك من الحبس ولأكرمنك)، فأبى، فأمر بأن يخرج كل يوم فيضرب عشرة أسواط، فكان يخرج به كل يوم، فيضرب فأكثر الدعاء، فلم يلبث إلا يسيرًا، حتى مات في الحبس مبطونًا سنه 150 هجرية، فأخرجت جنازته، وكثر بكاء الناس عليه، وصلى عليه خمسون ألفًا في مقابر الخيزران في بغداد.
فلله دره من إمام عظيم، ويكفي في الختام أن نذكر وصف أحد تلامذته وهو أبو يوسف حين سأله هارون الرشيد رحمه الله عن خلال أبي حنيفة فقال: (شديد الذب عن محارم الله أن تؤتى، وشديد الورع أن ينطق في دين الله بما لا يعلم، يحب أن يطاع الله ولا يُعصى، طويل الصمت دائم الفكر، على علم واسع، لم يكن مهدارًا ولا ثرثارًا، إن سُئل عن مسألة كان عنده فيها علم نطق به وأجاب فيها بما سمع، وإن كان غير ذلك قاس على الحق واتبعه، صائنًا لنفسه ودينه، بذولًا للعلم والمال، مستغنيًا بنفسه عن جميع الناس، لا يميل إلى طمع، بعيد الغيبة لا يذكر أحد إلا بخير) [مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة، المكي، ص(206)].
__________________
لقد تم تصغير الصورة اضغط هنا لمشاهدة الصورة بالحجم الطبيعي.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى